ضرورة القانون :
الإنسان كائن اجتماعي , إذ لا غنى له عن الحياة في مجتمع , فهو عاجز بمفرده عن الوفاء بمختلف حاجاته و إشباع رغباته , ولذلك لا يعيش بمعزل عن أقرانه .
غير أن الحياة في جماعة تتطلب تنظيم سلوك أفرادها و علاقاتهم عن طريق وضع قواعد تبين ما لكل منهم من حق , ما عليه من واجب , لمنع أي تداخل بين المصالح و لتجنب الفوضى و اختلال التوازن , وذلك لما زود به الإنسان من أنانية وحب للذات .
فلو انعدم مثل هذا التنظيم لكانت الكلمة المسموعة هي الفوضى , ولسادت شريعة الغاب, وأصبحت بالتالي الغلبة للأقوى , و لصدقت كلمة الفيلسوف الفرنسي BOSSUET : ((حيث يملك الكل فعل ما يشاء ولا يملك أحد فعل ما يشاء ، و حيث لا سيد فالكل سيد، و حيث الكل سيد فالكل عبد)) (1 ).
لذا ظهرت الحاجة إلى القانون للحد من حريات الأفراد وإزالة ما فيها من تعارض،وللتوفيق بين مصالحهم، و ذلك بعد أن استشعر الأفراد الحاجة إلى قواعد تنظم تصارع المصالح بينهم، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي بالجماعة كلها . وهو ما لا يمكن تجنبه إلا عن طريق فرض سلوك معين يلتزم به الكافة، مما يحقق النظام و الاستقرار في المعاملات (2 ) .
النظرية العامة للقانون
تعريف القانون :
الاستعمالات المختلفة لمصطلح القانون :
المعنى اللغوي : كلمة قانون تستعمل في اللغة اليونانية للدلالة عن القاعدة المبدأ , و تستعمل مجازا للتعبير عن الاستقامة في المبدأ أو في القاعدة , و لذلك يعرف القانون في اللغة اليونانية KANUN بالعصا المستقيمة , ويعرف القانون في اللغة العربية بالخط المستقيم الذي هو معيار كل انحراف .
المعنى الاصطلاحي : يستعمل مصطلح قانون في جميع مجالات العلوم , إلا أن معناه يختلف في مجال العلوم الطبيعية و غيرها من العلوم عن معناه في مجال العلوم القانونية , إذ يعرف القانون في مجال العلوم الطبيعية : بأنه كل قاعدة مضطردة و مستقرة يفيد اضطرارها و استقرارها نتائج معينة , ومن الأمثلة عن ذلك قانون الجاذبية التي يعبر عن العلاقة الحتمية بين ظاهرة إلقاء أي جسم في الفضاء و ظاهرة سقوطه على الأرض , وتوصف هذه الواقعة بأنها قاعدة تقريرية أي تقرر الواقع كما هو , أي نصف الظاهرة و من ثم فإن الظاهرة التي تحكمها هذه القاعدة حتمية الوقوع متى توافرت أسبابها و دون أن يرد عليها أي استثناء .
أما المعنى الاصطلاحي لكلمة قانون في مجال العلوم القانونية فهو : مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع , و التي تحمله السلطة العامة فيه على احترامها و لو بالقوة عند الاقتضاء , و توصف القاعدة التي يتضمنها القانون في معناه في مجال العلوم القانونية بأنها قاعدة تقويمية , باعتبارها قاعدة سلوك فتبين ما يجب أن يكون عليه سلوك الإنسان , و الإنسان بماله من إرادة حرة يمكنه أن يعدل سلوكه وفق هذه القاعدة اختيارا و طواعية فإن لم يفعل أجبر على ذلك , مما يفيد أن الظاهرة التي تتضمنها القاعدة القانونية التي هي قاعدة سلوك قد يرد عليها استثناء خلافا للقاعدة التقريرية .
استعمال القانون :
بمعناه العام و بإضافة صفة إليه مجموعة القواعد التي تنظم سلوك الفرد في المجتمع و استعمال القانون استعمالا خاصا ليكون له معنى آخر .
v يستعمل القانون استعمالا خاصا للتعبير عن أحد مصادره , و هو أن يطلق على القانون لفظ التشريع .
v قد يستعمل القانون استعمالا للتعبير عن أحد فروعه كالقانون المدني , القانون التجاري .
و يلاحظ أن مصطلح القانون DROIT له معنيين هما .
المعـنى الأول : مجموعة القواعد الموضوعية التي تكون القانون .
المعـنى الثاني: الحق , وهو مجموعة المزايا التي ترتبها القواعد الموضوعية , تجنبا للخلط بين هذين المعنيين أضاف الفقه الفرنسي على كلمة DROIT صفة موضوعي objectif بصفة المفرد لتصير العبارة droit objectif ليعتبر و يدل عن القانون , و أضاف صفة الشخصيsubjectifs بصفة الجمع ليدل عن الحق و تصير العبارة subjectifs droit و في الإنجليزية يستعملون كلمة Law ليدلون عن القانون و كلمة right ليدلون عن الحق .